Posts

Showing posts from January, 2013

وحيد وحداني حضرتك؟

وحيد؟ وحداني ومقطوع من شجرة؟ محاط بالناس من شروق الشمس إلى غروبها ومع ذلك تشعر بالغربة؟ نعم؟ أغلبنا كذلك. إن لم يكن في هذه اللحظة بالذات، ففي وقت ما.. مضى أو آت. لا؟ أنت محظوظ. وأنت أيضا مشكوك في مصداقيتك. تسأل طبعا ما العمل؟ الأمر يتوقف على نوع الوحدة. فالوحدة يا صديقي أنواع.  منها مثلا صنف جائع لا تكفيك - إن داهمك - كل محتويات الثلاجة. سأكون صريحة معك: هذا النوع يتطلب بعض الصرامة. فطعام الدنيا لن يسد الثقب الغائر في روحك. وهناك وحدة جامحة ك فرس عربية. تتملكك فتهيم على وجهك بلا هدف. تتجول في المدينة في أنصاف الليالي. تخرج إلى البلكونة بدون سبب. تذرع غرفة نومك جيئة وذهابا والناس نيام.  يصور لك عقلك أنك إن وقفت ساكنا أو - والعياذ بالله جلست - سيتوقف قلبك عن الخفقان. هنا أنصحك بألا تقاوم: استمر حتى تخور قواك.  ثم هناك وحدة مسكينة. قليلة الحيلة كطفل حزين. كل ما تريده منك أن تؤرجحها قليلا وستتركك في حالك. ضم ركبتيك إلى صدرك واقبض عليهما بذراعيك وطأطئ رأسك وتأرجح: للخلف وللأمام، للأمام وللخلف. سيهدأ الطفل الحزين وربما ينام.  إلى حين.   لا يجب أن ننسى صنفا غريبا يمكن أن ن

طبقا للكتاب

لم يدّع يوما انه خبير في التعامل مع النساء الباكيات. لكن كل ما قرأه في حياته من كتب يجمع على أن التصرف في هذه الحالة هو أن تحيطها بذراعيك وتدعها تبكي وتبكي بينما تبدو عليك إمارات الحكمة والتفهم. لم يقرأ يوما أن عليك أن تلهي المرأة الباكية بالنكات مثلا، أو بدغدغة قدميها، او بابهارها بحيلة كوتشينة. لذا فقد اتبع النصيحة المأثورة بحذافيرها: أحاطها بذراعيه، تركها تبكي وتبكي، وعدّل ملامح وجهه بحيث بدا حكيما.. متفهما.

أسئلة كبرى!

لسبب ما حمل على عاتقه أن يطرح اجابات جديدة صادمة للأسئلة الكبرى التي تشغل من حوله. لذا عندما سأله جليسه على القهوة بين رشفات الشيشة: ألا تتفق معي أنني سأصبح نسياً منسياًً بمجرد أن أغيب؟ أجابه بحماسة جذبت انتباه سائر الزبائن: "نعم!" ثم استطرد شارحاً: "وإليك ما سيحدث. معظم معارفك سينسونك بسرعة. وسيفعلون ذلك عمدا كمن ينسى حلما سيئا لا طائل من تذكره. سيستغرق الأمر وقتا اطول قليلاً مع من سبق لهم الحديث إليك، أو العيش معك، أو من أحبك. لكن سيأتي يوم يفشل فيه هؤلاء في تذكر ملامحك. سيدركون أن لا وسيلة للتأكد من صحة ما تنسبه لك الذاكرة من أقوال أو أفعال. وسيقنعون أنفسهم بأن كل ذكرياتهم عنك محض خيال. وأنك في الواقع لم تقل أو تفعل شيئا قط."

أوغاد وأشرار

كان فمها يبدو - في حاله الطبيعي- ممتعضاً. فم امرأة تعرف يقيناً ان الكون يقف ضدها، ولديها من القرائن ما يكفي. افترشت الأرض ككل ليلة. خطر ببالها انها لم تر القمر منذ عقود. فغيوم الدخان جاثمة على المدينة منذ زمن بعيد. المدينة 'لبست' الدخان وغطت به شعرها وجبهتها نزولاً إلى حاجبيها بل ونصف مجال رؤيتها: تماما كطريقة الشيخ سعد (إمام الجامع في قريتها التي لم ترها أيضا منذ عقود) في لبس العمة. اقتحمت قدمان مجال رؤيتها فانتظرت أن يمضي صاحبهما التعس كما يمضي الآخرون. ولما ملّت من المقارنة بين عدد واتساع الثقوب في فردتي حذائه رفعت إليه عينين غائمتين وقالت بتهكم: "أي خدمة". -"سؤال هذا أم إقرار واقع؟" أجابته بتنهيدة ونظرة خاطفة نحو السماء. -"ما هذه القمامة التي تبيعينها يا امرأة؟ أهناك حقاً من يشتري خردة كهذه؟". جاء ردها هذه المرة بصقةً على يمينها تلقاها الحصى القريب من الجارة. لاحظ لمعان الحصى المستهدف من بعد بلادة لون، وأعجبه اتساع نطاق الرمية. انحنى فالتقط قطعة حديد صدئة في حجم ووزن قالب طوب. -"ما هذا مثلا يا بائعة الجواهر؟". -"ب