عالم نعيمة
ماتت نعيمة نور الدين. ركلها الحمار في لحظة طيش ولما رآها على الارض في وضع لم يشهده من قبل تحول الطيش الى جنون؛ واصل الركل إلى أن صارت جثة هامدة. مع انطلاق آذان الظهر بدأ الهجوم، وبانتهائه غادرت الروح الجسد وانتهى أمر نعيمة عند ذلك الحد. نزل الستار. انطلقت صافرة النهاية. قل ما شئت من تشبيهات. المهم أن نعيمة ماتت - أي شيء آخر لا يهم. فمثلا: لم يسمعها ابنها الوحيد وهي تتوسل من اجل البقاء على قيد الحياة. توسلت للحمار، للناس، لجدار الساحة، لحصى الارض. لحظتها كانت توسلاتها جزءً جوهرياً من المصيبة. اما الان فهي مجرد تفاصيل في "حادث مؤسف". شهدت الجنازة مشاجرتين الفضل في كلتيهما للجارة عدلات: مرة مع سلفتها التي أهملت نظافة أولادها ما أحرج العائلة كلها في رأي عدلات، ومرة مع أم النور التي لم تعدد على المرحومة ولا بربع قيمة العشرين جنيها التي لهفتها. فتلك التنهدات الباردة واللطمات الرقيقة والعيون الجافة لا تستحق أكثر من خمسة جنيهات. إنها سرقة في وضح النهار. بعد الجنازة التي للاسباب السابقة لم تكن مهيبة، لم يتحدث الزوج الذي أضحى أرملا ولا الابن عما حدث. وكأن نزول فاجعة كهذه كان امر...