ميم صاد راء
كل الاسقام تشفى الا حساسية الوجود على ارض الآخر. اريد ان انظر حولي فاجد اناسا تشبهني كما يقول رشيد نيني. الا اضطر لتبرير "تحشمي الزائد" في بلد ما اليوم ثم تبرير "تحرري الزائد" في بلد آخر غدا (دون ان يتغير في مظهري شيئ). احتاج اكثر من اي شيء لـ (هُنا) لا يتعين علي أن اثبت شرعية وجودي فيه. *** ذات صباح شتوي في السبعينيات أخذتني قدماي الحافيتان حديثتا العهد بالركض لحد مياه الخليج. لامستهما الامواج بترحاب فجلستُ القرفصاء وباصابع واثقة التقطتُ قوقعة. ألصقتها بشفتيّ فامتزج البحر بريقي. حادثتها بلسان طفولي مبهم ثم وضعتها على أذني. وشوشتني: "أنتِ غريبة هنا.. مهاجرة منذ كان عمرك عاما. أنت وأسرتك أغراب. لستم مثلهم وليسوا مثلكم". لا بأس. ولكن، أين بدأ كل شيء؟ همَسَت: "هناك.. حيث النيل والقمح والشمس". هززت رأسي كأنني أفهم وملئت رئتي بالهواء المالح ثم تنهدت. في الحقيقة لم يعن هذا شيئا حينها. وفي ما تلى من عمر لم أعش في ذلك الهُناك سوى شهور، سنوات متقطعة تحصى على أصابع اليدين. لكن شيئا ما في نفسي تلقف تلك الكلمات كالحقيقة المطلقة. شيئ ما وجدني بين الم...