شتاءٌ حمويٌ آخر

مضيتُ سائرا شاردا أنفخُ دفئا في كفين متجمدتين وأرمقُ من ركني عيني دبابة وسط صف نخيل يظلل من الكيلانية الزوايا والتكايا ..... ظللتُ سائرا مسرعا أقطع ساحة العاصي أحيي راعي الخان بإيماءة ارقبه يقدم القهوة ككل يوم لجنود النقطة العسكرية وارقبهم - ككل يوم- يقبلون ..... رفعتُ ياقة معطف يابسة بائسة وعلى عتبة سوق مسقوفة بالبارودية لفتني صوتٌ من السماء هادئا هادرا وليتُ وجهي إلى أعلى فرأيتُ طائراتنا الحامية الحانية ..... لا بأس لا بأس "اعتدنا في حماة على هكذا "مظاهر مسلحة' :وهمـي - اليوم - شخصي ألملم جاهدا - منذ الصباح - جملة متلعثمة جملة متمردة متمنعة (في نص تعسر مخاضه) ..... تنفستُ امام المسجد بخارا وقرب البستان غاصت يداي في جيبي وحينها انفجرت غيمة رصاص حبلى أمطرت الدنيا علامات تعجب حمراء مدوية ..... :هكذا تمطر في حماة مسامير وشظايا وصواميل بناء وآلاف قطع الحديد انهمرت من حولي كحبات ماء قاسية (انه الشتاء على كل حال) :ثم انهالت على رأسي كخناجر صلبة قاتلة .......