Posts

Showing posts from 2015

معرفة

طالعني في المرآة وجه جديد. لقد مُنحتُ وجها جديدا ومجانا بلا بوتوكس. امتلأت التجاعيد وشحبت بقع الكبد السوداء واستقام خط الفك كالوتر المشدود. لكن هذا ليس كل شيء؛ ففي وجهي معرفة لم تكن موجودة من قبل. في عينيّ ومضة فهم تشي بمستوى أعلى من الادراك. وكأن غموضا ما قد انقشع. يليق بي وجهي الجديد. هذه ملامحي بعد أن أشرقت داخلي حقيقة لا أدري كنهها بالضبط، ولكنني أعلم الآن أن مفاهيم باطلة كثيرة عشت عمري أصدقها بداهة ثبت خطؤها. فمثلا: من قال ان الخروج عن النص مشكلة؟ ها أنا ذا قد خرجت وأفلتّ! ثم وهو الأهم! من قال ان الخرافة وهم؟ أن الاسطورة خيال؟ أن الخزعبلات إفك يفترى؟  لم لا يكون هناك واقع آخر، واقع موازٍ متوارٍ خلف حجاب رقيق، لا يتراءى لنا الا لو انكشف عن أبصارنا غطاؤها. قد يولد معظمنا ويموت دون أن يتحقق لهم ذلك، لكن هذا لا يهم، فالواقع مثبت وحقيقي وعجزنا عن ابصاره لا ينال من مصداقيته. اذا سقطت شجرة في جزيرة معزولة لم ولن يطأها بشر فأحدث ارتطامها دويا هائلا لم يسمعه أحد وتزلزت الأرض بذبذبات مخيفة لم يحسها أحد، هل ينفي ذلك سقوط الشجرة؟ تراقصت في رأسي وجوه بعض ممن أعرف

قواعد اللعبة

اتصرف كالابناء الصالحين: ازورك بانتظام، امر ببيتك لأتاكد انه كما تحبين، اهديك قرآنا كل يوم، أدعو لك بالجنة كل سجدة. افتش عن روحك في عيون اقربائك، اوصي المعتمرين بك، أتقنتُ دور الابنة البارة. التزمتُ بالوصفة التي اعطاها الناس لي حرفيا. ورغم ذلك.. رغم ذلك فعندما زرتك آخر مرة وجدتك - لخيبة أملي فيك - لا تزالين ميتة.. ميتة للغاية، ميتة كالموتى الحقيقيين. هذا ليس عدلا! خدعتِني مرتين: مرة عندما رحلتِ بلا مقدمات، ومرة عندما التزمتُ بكل ما قالوه لي ثم بقيت انت ميتة! ألم اتشح بالسواد وأقف لتلقي العزاء؟ ألم أعلن لأولادي موتك وأهون عليهم، وكأن لدي كل الاجابات؟  ألم أجبر لساني ان يتعود نطق اسمك مشفوعا ب "رحمها الله"؟ هل تظنين أن أيا من ذلك كان أمرا هينا!؟ التزمت بدوري فأين أنت اذن؟ الم يخبرك احد انه ممنوع تغيير قواعد اللعب اثناء اللعبة؟ الم تعلميني انه لا ينبغي خذلان من نحب؟ لكنني انتظر، يداي ممدودتان، عندما تعودين لن أؤنبك! لن أتفوه بما يجرحك. فقط، عودي!

لحظة.. أو أقل

في الصباح أمد يدي فألتقط زجاجة ماء من الثلاجة كان قد شرتها لي، أصب معظمها في غلاية الماء - هديّتها لي - ثم أتجرع ما تبقى. يرطب إحسانها جوفي، يسري معروفها في عروقي فتستيقظ أحشائي، ثم أصنع فنجانا من النسكافيه من برطمان شرته لي وأضيف له بعض الحليب الذي - نعم - شرته هي أيضا لي قبل مماتها. يبدد عطاؤها نعاسي ويمنحني عشرين دقيقة تنبيه كافاييني سأحتاج لمثلها قريبا - فورا. أصلّي كما علمتني وأنتعل حذاءها ويدثرني معطفها وأرمق عينيها في المرآة - تطالعانني من محيّاي أنا… أي نعم عيناي داكنتان بحدِّةٍ لا تتسق مع نعومة ورقّة ورمادية/خضرة/عسلية عينيها، لكنهما عيناها! بعد سنوات عشر أو عشرين أو ثلاثين سيتهدل الجلد في جفني الأعلى - المشدود الآن - وذات يوم قد يقبّل تلك الثنية المجعدة ابني كما قبلت أنا ثنيتها هي المجعدة فلم تستيقظ رغم قبلتي من سباتها الأخير!  أتصنع تفاؤلا زائفا وألقي على نفسي - عليها - تحية صباح غاضبة مشوبة بتحدٍ لا أفهمُ مبررَه .. “صباح الخير!” ثم أسترق نظرة للساعة تخبرني ما أعرفه سلفا: متأخرة كالعادة. ورغم هذا لن أحرم نفسي من لحظة، بل سأقنع بأقل، أجلس فيها حيث جلست هي آخر مر