Posts

Showing posts from August, 2012

لقطات من غرفة الاخبار

عملت في حياتي في كثير من غرف الاخبار. توصلت لقناعة انها كلها متشابهة: فما يثير القلق والابتهاج في غرفة اخبار عربية موجود بشكل أو بآخر في أخرى بريطانية. غرفة اخبار القناة الفقيرة تواجه نوعا من التحديات قد لا تعرفه اخرى ثرية، لكن تلك الاخيرة لها تحديات اخرى خاصة بها. من وكالات انباء لصحف لاذاعة لتلفزيون، عملت بها جميعا ووقعت في هوى ذلك اللغز المسمى: روح غرفة الأخبار. ----------------------------------- -المكان: قناة تلفزيون محلية متواضعة الامكانيات. يجلسون في غرفة الاجتماع الفخمة الوحيدة في القناة. ينصتون لما يقوله المدراء رغم انه نفس ما يقال كل يوم في الاجتماع التحريري الموسع. يومئون برؤوسهم ويضعون السبابة والوسطي على جباههم - علامة التفكير العميق. يختلسون النظر لساعات اليد ويخفون هلعهم من هذا الوقت المهدر. المفروض ان الاجتماع يضع تصورا لبرنامجهم لكنه في الحقيقة يخصص يوميا لكلام من نوعيه (الاستراتيجية الصحفية) و(المعالجة الموضوعية) و(الضيوف من العيار الثقيل). يحاولون - بدرجات نجاح متفاوتة - أن يضبطوا تقاسيم وجوههم بحيث تعكس اعجابا بالغا بهذا الكلام الرنان بينما الاذهان تجري حسابات ري

ذاتي الصغيرة العزيزة

ذاتي الصغيرة العزيزة طُلب منا اليوم ان نكتب رسالة لذاتنا التي هي في السادسة عشرة. فرحنا كصغار تحدد لهم المعلمة الواجب. انت لا تعلمين هذا ولكنني عدت لمقاعد الدراسة. الآن وفي السادسة والخمسين! مفاجأة كبرى أليس كذلك؟ خف الحمل (ولكن لم تستقم انحناءة الظهر ولن تستقيم) فقررت دراسة محبوبتك العشوائية تلك المسماة بالكتابة الابداعية. اتعرفين ذلك الشعر الرديء الذي تخطينه الآن مبللا بالدموع وتفضلين الموت على أن يراه أحد؟ يبدو لي وكأنها بوادر موهبة. احيانا اندهش ممن يصفون ما اكتب بأنه ذو قيمة تذكر. لكنهم كثر والاحتمال ليس بكبير - احصائيا - ان يكونوا جميعا مجاملين.  الآن الى القليل من "كشف المستخبي" على طريقة الأفلام العربية القديمة: ستتعرضين بعد عامين او ثلاثة لضغوط شديدة من قريبين  - انتبهي لم اقل مقربين - كي تسلكي سلوك القطيع. لا تنصاعي. قد يبدو لك الأن ان إرضاءهم غاية الأمل وأنه خليق بأن يجعل حياتك اسهل كثيرا. لكن المفاجأة أن السبل ستتفرق بكم وتظلين انت حبيسة اختيار اتخذتيه وانت بعدك صغيرة. لن تكون  لديك القوة للتراجع عنه لذا لا تتخذينه اصلا.  "إرضاء الناس غاية ل

ظل أبيها

عندما استيقظت غالية هذا الصباح تذكرت اباها. كانت لديه عادات يمارسها فقط في عطلته الصيفية التي "ينزل" فيها الى القاهرة على حد التعبير المصري لسكان الخارج ممن يعتبرون مصرا جذرا ينزلون اليه نزولا: لا فرعا يتجهون اليه صعودا. في كل صباح كان يرضخ في النهاية فيسمح لاصوات المدينة ان توقظه. لكن دأبه كان ان ينهض نصفيا فقط، شكليا فقط. اي: يجلس على طرف السرير برهة تمتد طويلا. وتلامس قدماه البارزتان من بنطال نومه المقلم الواح الارض الخشبية. في مثل هذه الاوقات كان وجهه يعكس عزما خالصا: سأرجئ فتح الابواب للعالم قدر الامكان. ولم يثنه عن عزمه هذا اصوات الباعة الجائلين (من يؤكد له أنه سيسن السكين بل والمقص، ومن يزمر لاطفال الحي كي يشتروا غزل البنات). ولا كانت تؤثر فيه رائحة البخور التي اعتادت زوجته ايقادها قبل ثلاثين عاما ل'تطرد الفأل السيء' كل صباح ولا حتى ضجيج الصغار. هذا الصباح فعلت غالية الشيئ نفسه. مكثت في الفراش طويلاً بلا حراك. بعد برهة طالت واعتذارا من العالم الذي بالتأكيد ينتظر منها ما هو أكثر وضعت قدميها (اللتين سببتا لها الما نفسيا لا نهائيا في مراهقتها بحجمهما وعروق

عن قناة الجزيرة وفوبيا الاطلنطي!

Image
عهدان أساسيان قطعتهما على نفسي في سنتين متتاليتين. في 1997 وبعد أن فرغت من مشاهدة فيلم تايتانيك للمرة العاشرة خلال 48 ساعة قررت أنه ما من شيء في الحياة يستحق أن أقطع يوما الأطلنطي. وقبلها بعام, أي في 1996,  وبعد أن تابعت القناة الاخبارية  الوليدة "الجزيرة" أسبوعا لم أتوقف فيه عن الانبهار بقدرة المذيعين في الحفاظ على رباطة الجأش تحت ما هو بكل تأكيد ضغوط عصبية هائلة، أقسمت ألا أقبل أي وظيفة تنطوي على أن اضطر للظهور في التلفزيون! كما قد يعلم قارئ هذه السطور فقد حنثت بكلا الأمرين! إلى جانب أن هذا يعني أنني سيدة (ما بتنزلش كلمتها الارض أبدا – بس نزلت المرتين دول) - أرجو أن تكون في الأمر دلالات أخرى! لو بدأنا من الحدث الثاني زمنيا والمتعلق بفيلم تايتانيك، فلم يكن لافتتاني بالفيلم علاقة بأنه حصل على 11 جائزة أوسكار ورشح لــ 14، ولا بأنه حقق أعلى ربح في تاريخ السينما (2 مليار – أي نعم مليار – دولار) وظل متربعا على هذا العرش اثنتي عشرة سنة إلى أن فاقه أفاتار في الربح في 2009 على  الارجح انني لم أعرف أيا من هذه المعلومات حينها. ما سلب لبي وحبس أنفاسي وجعلني أنام وأصحو على الفي

كان بالإمكان - بقلم نوران سلام

Image
نشرت هذه الصورة في كل مكان في يناير 2011، وإثر رؤيتها وقراءة ما حدث وجدت نفسي اكتب ما يلي: كان بالإمكان أن يكون النائم على هذا الفراش أبي وأن تكون أمي هي القائمة تصلي ويدها هي المضرجة بدمائك الحمراء ووجهها هو المتجمد في صرخة أبدية كان ممكنا وببساطة فما منع هذا الالتباس إلا قليل من جغرافيا. على حفنة اختلافات بيولوجية اهداء لعمر سليم القواسمي الذي اعدمه جنود الاحتلال رميا بالرصاص وهو نائم ثم تبين أنه لم يكن مطلوبا ـ فجر السابع من  يناير 2011 نشرت هذه الكلمات هنا   في القدس العربي في يناير من العام التالي - ذكرى مرور عام على وفاته

Fated To Follow - a short story

Image
Fated To Follow  Ghalia was standing just above her future grave.  That morning when she awoke she had been reminded of her father. Throughout their Cairo summers, he would  involuntarily allow  the sounds of a waking city to rouse him every morning. As they seeped through the windows he would grudgingly sit up on the bed and remain there for the longest time. His bare feet, sticking out of stripy  pajama  bottoms, would be placed firmly on the floor and his barely open eyes would seemingly study them. His face, always the face of an old man to her - would be set into a particular kind of resolve: must keep the day at bay for a little longer, shut life away for just that short while longer.  She had done the same that morning. And as her own feet, veined and masculine and a source of horrible teenage anguish, sat on the floor awaiting orders, she wondered what her father would really be thinking at times like these. He obviously was never that interested in his feet,