نفخات كاذبة - من وحي الواقع. بقلم نوران سلام

لا يقض مضجع هناء الا وجهها...
إنه وجه من النوع الذي يبدو مسناً منذ الطفولة. شيء ما في شفتيها الرفيعتين، في الهالات الداكنة تحت عينيها، في تجويف الخدين، في خط الفك  المتعرج، وفي اجتماع ما فات كله يجعلها تبدو في الستين منذ كانت في العاشرة.
إن وضعت الاقدار هناء في طريقك فقد تعاملها في البداية كجدة وقور، لكنك سرعان ما ستوقف هذا العبث. ستألف بمرور الوقت هذه المفارقة البيولوجية. ثم ان جدتك على الارجح لا تطلق مثل هذه الضحكات الرنانة.
توقفت هناء عن الشكوى من مأساتها منذ زمن طويل. لكنها لم تتوقف أبدا عن البحث عن حل. وذات يوم وجدته: غابت عن الأنظار برهة ثم عادت وقد انتفخت شفتاها وتورمت وجنتاها.
يجمع من رأوا وجه هناء الجديد على أن التأثير صادم: للوهلة الأولى تحس أن شيئاً ما قد اختلف دون أن يختلف حقاً شيء. للوهلة الثانية يصدمك أن هناء تقر بفعلتها بلا لف ولا دوران، بل وتشرح باستفاضة (وبشيء من تفاخر على أمثالك من غير المنفوخين) المفعول الساحر للبوتوكس. 
في مواجهة كل هذا ربما تفقد أنت القدرة على النطق للحظات لكنك لا تلبث أن تستعيد السيطرة فتبالغ في الاعراب عن اعجابك وانبهارك لتداري هلعك. فهناء الآن لا تزال تبدو كجدة، لكنها بالتأكيد لا تبدو كوقور. إنها جدة تغمز بعينها وهي ترفع كأسها في الهواء. 

Comments

  1. هذا يزيدني قناعةً أن نفس الإنسان أو نفسيته هي الوجه الظاهر منه وليس منظره وسحنته ... النفس هي الأصل الظاهر وما الشكل والهيئة إلا توابع لها ولذلك كان رضى وقناعة النفس كنزان لايفنيان... لا أزعم حقاً أنني أستشفيت الحكمة من وراء كلماتك أختي الكريمة لكن عزائي أن الكلمات لها عدة أوجهه وليس وجهاً واحداً... تحياتي

    ReplyDelete
  2. لا تقاس الطيبة ببشاشة الوجه ...
    فهناك قلوب تصطنع البياض ..
    فهناك من يجيد تصنع الطيبة ..
    ويخبئ بين زواياه خبثاً وريبة ..


    لا يقاس الجمال بالمظهر ..
    ومن الخطأ الاعتماد عليه فقط ..
    فقد يكون خلف جمال المظهر قبح جوهر ..


    لا تقاس حلاوة الإنسان بحلاوة اللسان ...
    فكم من كلمات لطاف حسان ..
    يكمن بين حروفها سم ثعبان ..
    فنحن في زمن اختلط الحابل بالنابل ...
    في زمن صرنا نخاف الصدق ..
    ونصعد على أكتاف الكذب ..


    لا يقاس الحنان بالأحضان ..
    هناك من يضمك بين أحضانه ..
    ويطعنك من الخلف بخنجر الخيانة ...
    والفرق شاسع و مدفون ..
    بين المُعلن والمكنون ..

    ReplyDelete
  3. لا تقاس الطيبة ببشاشة الوجه ...
    فهناك قلوب تصطنع البياض ..
    فهناك من يجيد تصنع الطيبة ..
    ويخبئ بين زواياه خبثاً وريبة ..


    لا يقاس الجمال بالمظهر ..
    ومن الخطأ الاعتماد عليه فقط ..
    فقد يكون خلف جمال المظهر قبح جوهر ..


    لا تقاس حلاوة الإنسان بحلاوة اللسان ...
    فكم من كلمات لطاف حسان ..
    يكمن بين حروفها سم ثعبان ..
    فنحن في زمن اختلط الحابل بالنابل ...
    في زمن صرنا نخاف الصدق ..
    ونصعد على أكتاف الكذب ..


    لا يقاس الحنان بالأحضان ..
    هناك من يضمك بين أحضانه ..
    ويطعنك من الخلف بخنجر الخيانة ...
    والفرق شاسع و مدفون ..
    بين المُعلن والمكنون ..

    ReplyDelete

Post a Comment

أسعد بتعليقاتكم

Popular posts from this blog

قواعد اللعبة

أنشودة الكسل - بقلم نوران سلام

في فعل الكتابة